الوسم: بيئة

الاستدامة في المملكة العربية السعودية تحولت من رحلة طموحة بدأت مع المبادرات البيئية لتتحول إلى نهج وطني شامل يدمج بين حماية الموارد الطبيعية، الابتكار في الطاقة، وتمكين القطاعين الحكومي والخاص لتحقيق رؤية 2030

في ظل التغيرات المناخية المتسارعة والاهتمام العالمي المتزايد بالحفاظ على البيئة، تشكل المملكة العربية السعودية اليوم دوراً محورياً في مسيرة التحول نحو مستقبل أكثر استدامة. وأصبح مفهوم الاستدامة أكثر من مجرد خيار ليكون جزءاً أصيلاً من رؤية السعودية 2030، التي وضعت حماية البيئة وتنمية الموارد الطبيعية في صلب خططها الوطنية.

وتواصل المملكة التزامها بتحقيق توازن حقيقي بين النمو الاقتصادي والمحافظة على البيئة، واضعةً الإنسان والموارد الطبيعية في قلب هذا التحول، بدءاً من مبادرات التشجير العملاقة مثل مبادرة السعودية الخضراء، إلى الاستثمار في الطاقة المتجددة وتطوير المدن الذكية والمستدامة مثل نيوم، وغيرها الكثير من المبادرات في القطاعين الحكومي والخاص.

في هذه المقالة، نستعرض كيف تتحول الاستدامة من مجرد مفهوم بيئي إلى أسلوب حياة ونهج حكومي متكامل في السعودية، عبر مشاريع طموحة وإنجازات ملموسة ترسم ملامح المستقبل الأخضر.

المبادرات الحكومية الكبرى:

حماية البيئة والاستصلاح الزراعي

تحرص المملكة على تعزيز جهود حماية البيئة وجودة الهواء من خلال مبادرة السعودية الخضراء، التي انطلقت في عام 2021 لتكون واحدة من أكثر المبادرات طموحاً، وتهدف إلى زراعة 10 مليارات شجرة داخل المملكة، مما يسهم في تقليل الانبعاثات الكربونية وتحسين جودة الهواء. كما تشمل المبادرة العمل على رفع نسبة المناطق المحمية واستصلاح الأراضي وتطوير أنظمة بيئية متكاملة، إلى جانب حماية المناطق البرية والبحرية.

ولا تقتصر الجهود الحثيثة لتحقيق الاستدامة على البيئة، بل تتعداها لتشمل تطوير المدن الذكية مثل إنشاء مدينة المستقبل نيوم، التي تعد مثالاً حياً للاستدامة الحضرية، حيث تعتمد على الطاقة المتجددة بنسبة 100%، وتخطط لتكون خالية من الانبعاثات الكربونية، مع بنية تحتية ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، ووسائل نقل مستدامة. وتشكّل نيوم مركزاً عالمياً رائداً ومفتوحاً للأعمال التجارية، حيث تركز على بناء اقتصادٍ مستدامٍ يرسم ملامح المستقبل، ويمهد الطريق لمعايير جديدة ورائدة في المواهب والابتكار في مجال الأعمال.

برنامج الطاقة المتجددة وإدارة النفايات

تحظى المملكة السعودية بموقع جغرافي ومناخي مميز يمكّنها من الاستفادة من مشروعات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية والرياح، لتنويع مصادر الطاقة المحلية. وأطلقت الحكومة بالفعل محطات كبرى للطاقة الشمسية في مناطق مختلفة مثل سكاكا ومشروع سدير، ضمن هدف استراتيجي لتوليد 50% من الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2030. كما تحرص المملكة على الحفاظ على البيئة من خلال خطط لإدارة النفايات وإعادة تدويرها.

ساهمت الهيئة السعودية لإدارة النفايات في تطوير البنية التحتية لإعادة التدوير وتقليل النفايات، مع تعزيز ثقافة الاستهلاك المسؤول في المجتمع، بما يتماشى مع مبدأ الاقتصاد الدائري في إدارة النفايات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

القطاع الخاص: شريك رئيسي في الاستدامة

بدأت كبرى الشركات السعودية تتبنّى مفاهيم الاستدامة في استراتيجياتها. على سبيل المثال:

• أرامكو السعودية تطور مشاريع ضخمة لاحتجاز الكربون وتحسين كفاءة الطاقة.
• سابك تستثمر في المواد القابلة لإعادة التدوير والابتكار في مجال الاقتصاد الدائري.
• البنوك السعودية باتت تقدم حلول تمويلية للمشاريع الخضراء والمستدامة، مثل القروض البنكية للمباني الصديقة للبيئة.

كما يعد قطاع الضيافة من أبرز القطاعات التي دخلت مسار الاستدامة بوعي متزايد، خصوصاً مع التوسع السياحي الذي تشهده المملكة، بما فيها فندق فورسيزونز الرياض، الذي يتّبع نهجاً مستداماً متكاملاً يشمل تقليل استخدام البلاستيك عبر مصنع مياه داخلي، واستخدام تقنيات ذكية لتوفير الطاقة والمياه في الغرف. ويعتمد فورسيزونز الرياض على منتجات محلية ومأكولات بحرية مستدامة، ويقلل هدر الطعام باستخدام الذكاء الاصطناعي، مع التبرع بالفائض للجمعيات الخيرية. كما يدعم التنقل الأخضر بسيارات كهربائية ويوفر تجارب ثقافية تعزز الوعي البيئي والمجتمعي، انسجاماً مع رؤية السعودية 2030.

كما تحرص مجموعة فنادق ومنتجعات العنوان، بما فيها فندق العنوان جبل عمر مكة، على تنفيذ مبادرات الاستدامة وفق رؤية صفر انبعاثات، تشمل زراعة الأشجار، وتعزيز التنوع البيئي، واعتماد المنتجات المحلية لتقليل البصمة الكربونية. ويعتمد الفندق نظاماً للإفراط في الطعام باستخدام التقنيات الذكية لتقليل الهدر، ويطمح إلى بيئة خالية من الزجاجات البلاستيكية عبر شراكات تعبئة المياه واستخدام أدوات صديقة للبيئة مثل مفاتيح الغرف المصنوعة من الخيزران ومواد قابلة للتحلل البيولوجي.

كما أصبحت شهادات LEED وGreen Key  معياراً تسعى إليه المؤسسات الفندقية في السعودية، بهدف تعزيز الثقة لدى الزوّار المهتمين بالبيئة.

التحول نحو الاستدامة لا يكتمل دون تغيير ثقافي حقيقي، والمملكة تعمل على رفع الوعي المجتمعي من خلال الحملات التوعوية، والمسابقات البيئية في المدارس، والتعاون مع المؤثرين والمنصات الرقمية لنشر ثقافة “الحفاظ على الموارد”.

وما تشهده السعودية اليوم من تحول جذري نحو الاستدامة هو أكثر من التزام بيئي؛ هو رؤية عميقة لمستقبل متوازن بين الإنسان والطبيعة، الاقتصاد والبيئة، الحاضر والمستقبل.
وبين الجهود الحكومية، والابتكارات الخاصة، والتحولات في قطاع الضيافة، تضع المملكة نفسها على خارطة الريادة في التنمية المستدامة على مستوى العالم والمنطقة.

اكتشف خدماتنا الرائدة في العلاقات العامة والتواصل، وسائل التواصل الاجتماعي، تصميم وبناء العلامة التجارية، الخدمات الاستشارية للعلامة التجارية، المسؤولية البيئية، وأنشطة التواصل العالمي، لنساعد علامتك التجارية على ترك بصمة مميزة. تواصل مع فريقنا المتخصص في الاستشارات التسويقية المتكاملة في دبي، قطر، السعودية، ولندن، ودعنا نتواصل.